الـمـــكـــتــبـــة الـعــامـة
الكتاب غذاء للعقل و روح للإنسان
القراءة توسّع الأفق ، و تُنمّي الفكر ، و تمنح الإنسان قدرة على التعبير و الفهم
من خلال الكتاب ، نسافر عبر الزمان و المكان ، نعيش تجارب غيرنا و نتعلّم من حكمتهم
القراءة ترفع الوعي ، و تزيد المعرفة ، و تُحسّن التركيز ، وتُخفّف التوتر
اجعل الكتاب رفيقك ، فإن في كل صفحة حياة ، و في كل سطر نور
إقرأ ... لترتقي إقرأ ... لتُغيّر العالم
Responsible | مؤسسة إقرأ التعليمية |
---|---|
Last Update | गुरुवार 17 जुल॰ 2025 |
Completion Time | 8 महीने 3 सप्ताह 5 दिन 16 घंटे 40 मिनट |
Members | 2 |
أسْوَاقُ الذَّهَبِ
قسم الأدب و الروايات
عرض الكلتَقَعُ أَحْداثُ قِصَّتِنا فِي بِلادِ الهِنْد؛ حيثُ وقَعَ الأَمِيرُ الشَّاب فِي غَرامِ فَتاةٍ ذَاتِ جَمالٍ أخَّاذ، وهامَ بِحُبِّها ثُمَّ تَزوَّجها، وسَلَّمَها قلْبَه. عاشَا مَعًا في سَعادةٍ لا نَظِيرَ لَهَا قبلَ أنْ تُفرِّقَ يَدُ القَدَرِ بَينَهُما بمَوْتِها المُفاجِئ. وبرَحِيلِها اعْتصَرَ حُزْنٌ هائِلٌ قلْبَ الأمير قَبلَ أنْ يُقرِّرَ اعْتِزالَ النِّساءِ وتَخلِيدَ ذِكْرى حَبِيبتِه ببِناءِ صَرْحٍ يَكُونُ أُعْجوبةَ الدُّنْيا عَلى مَرِّ الزَّمَان، وشاهِدًا عَلى حُبِّه الخالِدِ لَها، وقرَّرَ أنْ يُسمِّيَه «لُؤْلُؤة الحُب»، ويَضعَ فِيهِ التَّابُوتَ الجَمِيلَ الَّذِي صنَعَه للمَلِكةِ الفَقِيدة.
أشرَفَ الأَمِيرُ بنَفْسِه عَلى تَشْييدِ «لُؤْلُؤة الحُب»، وأتقَنَ صُنْعَه وتَجمِيلَه حتَّى بَدَا — بعْدَ مُضِيِّ سَنواتٍ عَدِيدة — فِي أحْسنِ هَيْئةٍ وأَبْهى صُورَة، وعَلى النَّحْوِ الَّذِي أمكَنَ لخَيالِهِ أنْ يَبْلُغَه. وتَمامًا كَما أَرادَ لَهُ مُنذُ البِداية، لَمْ يَرَ الناسُ مِن قَبلُ بِناءً بمِثْلِ مَهابةِ وجَلالِ «لُؤْلُؤة الحُب». غَيْرَ أنَّ الأَمِيرَ ظَلَّ بَعدَ تَشْييدِ هذا الصَّرْحِ مُؤرَّقَ الفِكرِ مُنْشغِلَ البَال، تُرَى مَا الأَمْرُ الَّذِي يَشْغَلُه؟ ومَا القَرارُ الأَخِيرُ الَّذِي سيَتَّخذُه؟ هَذا ما سنَعْرِفُه عَزِيزي القارِئَ فِي نِهايةِ أَحْداثِ قِصَّتِنا.
حِوارٌ يَدُورُ بَينَ أَبٍ وابْنِهِ حوْلَ المَعانِي المُجرَّدةِ فِي الحَياة، كالسَّعادةِ والنَّجاحِ والشَّجاعةِ والإِخْلاصِ وغَيْرِها … كتَبَه «حافظ إبراهيم» في صُورةِ أَسْئلةٍ وأَجْوبةٍ مُحدَّدةٍ ومُخْتصَرة.
هَكَذا صاغ الشاعِرُ المُفوَّهُ تِلكَ التَّساؤُلاتِ مُتَحرِّيًا المِثالِيَّةَ المُطلَقةَ والرَّغْبةَ فِي إِعْدادِ النَّشْءِ لتَحْقيقِها، فَتَشعُرُ خِلالَ قِراءتِكَ لأَجْوِبتِهِ أنَّكَ في عالَمٍ لَا خَللَ فِيهِ بالفِعْل، عالَمٍ يَلِيقُ بشاعِرٍ يَتمنَّى لَوْ كانَتِ الحَياةُ بهَذِهِ الدِّقةِ والبَساطةِ والوُضُوح. رُبَّما لا تَكْمُنُ قِيمةُ هَذِهِ التَّساؤُلاتِ في طَبِيعتِها الَّتِي تَمِيلُ إلَى المُباشَرةِ وتَختلِفُ كَثِيرًا عَنْ تَساؤُلاتِ الصِّغارِ والنَّشْءِ اليَوْم؛ إنَّما تَكْمُنُ في كَوْنِها صُورةً لرَغْبةِ شاعِرٍ في أنْ يُغيِّرَ العالَمَ إلَى الأَفْضل، كَما هِي صُورةٌ لرُقِيِّ الفِكرِ واللُّغةِ الَّتِي يُمكِنُ أنْ نُخاطِبَ بِها هَذِهِ الفِئةَ العُمْريَّةَ دُونَ تَعْقيدٍ أَوِ ابْتِذال، ويُعَدُّ هَذا العَملُ أَيْضًا واحِدًا مِنَ الأَعْمالِ النَّثْريةِ القَيِّمةِ للشاعِرِ الكَبِير.
مُؤلَّفٌ يَجمَعُ أفضَلَ الأَشْعارِ الَّتي نَظَمَها ثَمانيةٌ مِن فُحُولِ شُعراءِ العَرَبِ وأَئمَّةِ البَلاغَة؛ مِن بَينِهِم «البُحتُرِيُّ»، و«المُتَنَبِّي»، و«أَبُو العَلَاءِ المَعَرِّي».
ليسَ هناكَ أَرَقُّ مِنَ الشِّعرِ لوَصفِ الحالاتِ الوِجْدانيَّةِ وتَوثِيقِها في أَبْياتٍ قَد تَعكِسُ لاحِقًا طَبِيعةَ الزَّمانِ الَّذي نُظِمَتْ فِيه؛ وما يُوجَدُ في هَذا المُؤَلَّفِ هُو مِثالٌ حيٌّ للشِّعرِ الباقِي لكُلِّ زَمان. يَبدأُ الفَصلُ الأَوَّلُ بمَجمُوعَةٍ مُختارَةٍ مِن أَشْعارِ «مُسْلِمِ بنِ الوَلِيد» المُلَقَّبِ ﺑ «صَرِيعِ الغَوانِي»؛ وذلِكَ مِن شِدَّةِ حُبِّه لِلحِسَان، وهُو شاعِرٌ مِنَ العَصرِ العَبَّاسِي، تَميَّزَ بنَظْمِ شِعرِ الغَزَلِ الصَّرِيح. يَتبَعُ ذَلكَ الفَصلَ أَبْياتٌ في الغَزَلِ والهِجاءِ والمَدحِ لأَشهَرِ شُعراءِ العَصرِ العَبَّاسيِّ «أبي نُوَاس»، وقَدِ اشتُهِرَ بمَدْحِه الخَليفَةَ «هارُون الرَّشِيد». ويُختَتَمُ المُؤَلَّفُ بِأَبْياتٍ لِلشَّاعِرِ «أَبِي العَلَاءِ المَعَرِّيِّ» المُلقَّبِ ﺑ «رَهِينِ المَحبِسَين»؛ وذَلكَ لِأنَّهُ فِي نِهايَةِ أيَّامِهِ اعتَزَلَ الناسَ فَأَصبَحَ حَبِيسَ المَنزِلِ وحَبِيسَ العَمَى، وقَدِ اشتُهِرَ «أَبُو العَلَاءِ» بالرَّسائِلِ النَّثرِيَّة، وهِيَ مُلحَقَةٌ أَيضًا بنِهايَةِ هَذا الفَصْل.
«رِسالةُ المَلائِكة» هيَ الأُخْتُ الشَّقِيقةُ لكتاب المَعَرِّيِّ الشهير «رِسَالة الغُفْران»، أَلَّفَها وهُوَ فِي طَوْرِ كُهُولَتِه، وَضَمَّنَها قَدْرًا جَلِيلًا مِن فَنِّه وأَدَبِه الرَّاقي.
يَستَخدِمُ أَبُو العَلاءِ المَعَرِّيُّ حِوَارًا تَخيُّلِيًّا بَيْنَهُ وبَيْنَ المَلائِكةِ لِيُجِيبَ مِن خِلالِه عَن تَساؤُلات، ويُناقِشَ مَسائِلَ لُغَوِيَّةً صَرْفِيَّةً طَرَحَها عليهِ بَعْضُ الطَّلَبة، فَآثَرَ أنْ يَتَعامَلَ مَعَها هَذا التَّعامُلَ الأَدَبِيَّ الأَنِيقَ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ المُتْعةِ والفائِدةِ فِي آنٍ واحِد. وتَظهَرُ في الرِّسالَةِ ثَقَافةُ المَعَرِّيِّ الواسِعةُ وتَمَكُّنُه مِن عُلومِ اللُّغةِ العَرَبِيةِ وأَدَبِيَّاتِها، وهَو يَخْتارُ شَواهِدَهُ بعِنَايةٍ شَدِيدة، ويُنَوِّعُ أَسالِيبَه الإِنْشائِيَّةَ بمَا يَضْمَنُ أَفْضَلَ أَدَاءٍ لِلفِكْرَة. ويُرْجِعُ بَعْضُ الباحِثِينَ أَهَمِّيَّةَ هَذا الكِتابِ إلَى قِيمةِ المَسائِلِ الصَّرْفِيَّةِ الَّتِي عالَجَها المَعَرِّي؛ إِذْ إنَّها تُوَضِّحُ بِجَلاءٍ تَمَكُّنَهُ مِن عِلْمِ الصَّرْفِ تَمَكُّنًا نادِرًا تَفَوَّقَ فِيهِ عَلى كَثِيرِين، مِن حَيْثُ القُدْرَةُ عَلى مُعالَجةِ نَوادِرِه وَمُعْضِلَاتِه.